لنيل أطول أنهار الكرة الأرضية يقع في الجزء الشمال الشرقي من قارة أفريقيا، ويبدأ مساره من المنبع عند بحيرة فيكتوريا - الواقعة بوسط شرق القارة - ثم يتجه شمالا حتى المصب في البحر المتوسط، بإجمالي طول 6650 كم (4132 ميل). يغطي حوض النيل مساحة 3.4 مليون كم²، ويمر مساره بعشر دول إفريقية يطلق عليها دول حوض النيل. ترجع تسمية "النيل" بهذا الاسم نسبه إلى المصطلح اليوناني Neilos ((باليونانية: Νειλος)، كما يطلق عليه في اليونانية أيضا اسم Aigyptos ((باليونانية: Αιγυπτος) وهي أحد أصول المصطلح الإنجليزي لاسم مصر Egypt.
رحلة النهر العظيم
يجتمع نهر النيل في عاصمة السودان الخرطوم ويتكون من فرعين رئيسيين يقوما بتغذيته وهما: "النيل الأبيض"(White Nile) في شرق القارة، و"النيل الأزرق"(Blue Nile) في إثيوبيا. يشكل هذين الفرعين الجناح الغربي للصدع الإفريقي الشرقي، والذي يشكل بدوره الجزء الجنوبي الإفريقي من الوادي المتصدع الكبير(Great Rift Valley).
[عدل]النيل الأبيض
[[تعتبر بحيرة فيكتوريا Lake Victoria) هي المصدر الأساسي لمياه نهر النيل. تقع هذه البحيرة علي حدود كل من أوغندا، تنزانيا وكينيا، وهذه البحيرة بدورها تعتبر ثالث البحيرات العظمي. بالتوازي، يعتبر نهر روفيرونزا - (Ruvyironza) - في بوروندي هو الحد الأقصى لنهر النيل، وهو يشكل الفرع العلوي لنهر كاجيرا Kagera). يقطع نهر كاجيرا مسارا طوله 690 كم (429 ميل) قبل دخوله إلي بحيرة فيكتوريا.
بعد مغادرة بحيرة فيكتوريا، يعرف النيل في هذا الجزء باسم نيل فيكتوريا Victoria Nile)، ويستمر في مساره لمسافة 500 كم (300 ميل) مرورا ببحيرة كييوجا - Lake Kyoga) - حتى يصل إلي بحيرة ألبرت Lake Albert).
صورة بالأقمار الصناعية للانحناء العظيم لنهر النيل في السودان
بعد مغادره بحيرة ألبرت، يعرف النيل باسم نيل ألبرت Albert Nile)، ثم يصل النيل إلي السودان ليعرف عندها باسم بحر الجبل، وعند اتصاله ببحر الغزال يمتد النيل لمسافة 720 كم (445 ميل) يعرف فيها باسم النيل الأبيض، ويستمر النيل في مساره حاملا هذا الاسم حتى يدخل العاصمة السودانية الخرطوم.]
النيل الأزرق
يشكل النيل الأزرق نسبة (80-85%) من المياه المغذية لنهر النيل، ولكن هذه المياه تصل إليه في الصيف فقط بعد الأمطار الموسمية علي هضبة إثيوبيا، بينما لا يشكل في باقي أيام العام نسبه كبيرة حيث تكون المياه فيه ضعيفة أو جافه تقريبا.
ينبع هذا النهر من بحيرة تانا - (Lake Tana) - الواقعة في مرتفعات إثيوبيا بشرق القارة. بينما يطلق عليه اسم "النيل الأزرق" في السودان، ففي إثيوبيا يطلق عليه اسم "آبباي" Abbay). ويستمر هذا النيل حاملا اسمه السوداني في مسار طوله 1,400 كم (850 ميلا) حتى يلتقي بالفرع الآخر – النيل الأبيض – ليشكلا معا ما يعرف باسم "النيل" منذ هذه النقطة وحتى المصب في البحر المتوسط.
[عدل]ملتقى النيل
مركب شراعي بنهر النيل بالقاهرة.
بعد اتحاد النيلين الأبيض والأزرق ليشكلا معا النيل، لا يتبقي لنهر النيل سوي رافد واحد لتغذيته بالمياه قبل دخوله مصر ألا وهو نهر عطبرةAtbarah)، والذي يبلغ طول مساره 800 كم (500 ميل) تقريبا. ينبع هذا النهر من المرتفعات الإثيوبية أيضا، شمالي بحيرة تانا، ويتصل بنهر النيل علي مسافة 300 كم (200 ميل) بعد مدينة الخرطوم.
ويعتبر النيل في السودان مميزا لسببين:
أولهما: مروره علي ستة سدود؛ – من السادس في سابا لوكا (شمال الخرطوم) حتى من أسوان – في مصر.
ثانيهما: تغيير مسار النيل، حيث ينحني مسار النيل في اتجاه جنوبي غربي، قبل أن يرجع لمساره الأصلي – شمالا – حتى يصل للبحر المتوسط، ويطلق علي هذا الجزء المنحني اسم "الانحناء العظيم للنيل" (Great Bend of the Nile)
بعد عودته لمساره الأصلي، يعبر النيل الحدود السودانية المصرية، ويستمر في مساره داخل مصر بطول 270 كم (170 ميل) حتى يصل إلي بحيرة ناصر - Lake Nasser) - وهي بحيرة صناعية تقع خلف السد العالي. وبدءاً من عام 1998 انفصلت بعض أجزاء هذه البحيرة غربا بالصحراء الغربية ليشكلوا بحيرات توشكي Toshka Lakes).
وعودة إلي مساره الأصلي في بحيرة ناصر، يغادر النيل البحيرة ويتجه شمالا حتى يصل إلي البحر المتوسط. علي طول هذا المسار، ينفصل جزء من النهر عند بنى سويف، ويسمي بحر يوسف Bahr Yussef)، ويستمر حتى يصل إلي الفيوم.
ويصل نهر النيل إلى أقصى الشمال المصري، ليتفرع إلي فرعين: فرع دمياط شرقا وفرع رشيد غربا، ويحصران فيما بينهما دلتا النيل (بالإنجليزية: Nile Delta) وهي تعتبر علي قمة قائمة الدلتا في العالم، ويصب النيل في النهاية عبر هذين الفرعين في البحر المتوسط منهيا مساره الطويل من أواسط شرق إفريقيا وحتى شمالها.
[عدل]فيضان النيل
منذ فجر التاريخ، اعتمدت الحضارات التي قامت على ضفتي النيل على الزراعة، كنشاط رئيسي مميز لها، خصوصا في السودان و مصر نظرا لكونها من أوائل الدول التي قامت علي أرضها حضارات، لهذا فقد شكل فيضان النيل أهمية كبري في الحياة المصرية القديمة و النوبية أيضا. كان هذا الفيضان يحدث بصورة دورية في فصل الصيف، ويقوم بتخصيب الأرض بالمياه اللازمة لما قام الفلاحون بزراعته طوال العام في انتظار هذه المياه.
ففي مصر الفرعونية، ارتبط هذا الفيضان بطقوس شبه مقدسة، حيث كانوا يقيمون احتفالات وفاء النيل ابتهاجا بالفيضان. كما قاموا بتسجيل هذه الاحتفالات في صورة نحت على جدران معابدهم ومقابرهم والأهرامات لبيان مدى تقديسهم لهذا الفيضان.
وقد ذكرت الكتب السماوية المقدسة (الإنجيل والقرآن) قصة نبي الله يوسف مع أحد فراعنة مصر حينما قام بتأويل حلمه حول السنابل السبع والبقرات السبع، مما ساهم في حماية مصر من مخاطر الفيضان في هذه الفترة لمدة سبع سنوات رخاء وسبع سنوات عجاف.
وفي مصر الإسلامية، اهتم ولاتها بالفيضان أيضا، وقاموا بتصميم "مقياس النيل" في العاصمة القاهرة للقيام بقياس دقيق للفيضان. وما زال هذا المقياس قائما لليوم في "جزيرة الروضة" بالقاهرة. (مزيد من التفاصيل في المقالة الأصلية: "مقياس النيل ".)
أما في العصر الحديث، ففي أواخر الثمانينات من القرن المنصرم شهدت دول حوض النيل جفافا نتيجة لضعف فيضان النيل، مما أدى إلى نقص المياه وحدوث مجاعة كبري في كل من السودان و إثيوبيا، غير أن مصر لم تعان من آثار تلك المشكلة نظرا لمخزون المياه ببحيرة ناصر خلف السد العالي.
[عدل]الأهمية الاقتصادية
صورة بالقمر الصناعي للنيل (see also the يشكل حوض النيل تنوعا جغرافيا فريدا، بدء من المرتفعات في الجنوب ويقل الإرتقاع حتي يصل إلي سهول فسيحة في أقصي الشمال. ولذلك نهر النيل هو النهر الوحيد الذي يجري من الجنوب إلي الشمال تبعا لميل الأرض. يشكل النيل أهمية كبري في اقتصاديات دول حوض النيل، ففي مجال الزراعة يعتمد المزارعون في كل دول حوض النيل علي مياهه من أجل ري محاصيلهم. ومن أشهر هذه المحاصيل: القطن، القمح، قصب السكر، البلح، البقوليات، والفواكه الحمضية. وفي مجال الصيد فيعتمد الصيادون علي الأسماك النيلية المتوفرة فيه، ويعتبر السمك من الأكلات المفضلة للكثير من شعوب هذه الدول. كما يشتهر نهر النيل بوجود العديد من الأحياء المائية أهمها تمساح النيل والذي بتواجد في أغلب مسار النيل. )
أما في مجال السياحة، ففي السودان و مصر و فتقوم عليه أحد أنواع السياحة وهي "السياحة النيلية"، حيث تبحر الفلوكة حاملة السياح وزائرو البلاد في كل من بين السدين الثالث والرابع في شمال السودان و، بين جوبا و كوتشي في جنوب السودان والجيزة والمنيا و سوهاج و قنا وأسوان بمصر .
[عدل]لمحات عامة حول النهر
[عدل]الاستكشافات في القرن التاسع عشر
ظل نهر النيل يمثل لغزا غامضا للكثيرين حتى منتصف القرن التاسع عشر. ففي عام 1858 استطاع المستكشف الإنجليزي جون هاننج سبيك (بالإنجليزية: John Hanning Speke) الوصول إلي بحيرة فيكتوريا. أما نظيره صاموئيل وايت بيكر (بالإنجليزية: Samuel White Baker) فقد استطاع الوصول إلي بحيرة ألبرت في عام 1864.
بعدهما قام المستكشف الألماني جورج أوغست شوينفروث (بألمانية: Georg August Schweinfurth) باستكشاف بحر الغزال في الفترة بين عامي 1868 و1871، بينما قام نظيره الأنجلو أمريكي هنري مورتون ستانلي (بألمانية: Henry Morton Stanley) باستكشاف بحيرة فيكتوريا في عام 1875 وتبعها بالوصول إلي بحيرة إدوارد عام 1889. وهكذا حل لغر النهر الذي ظل غامضا للآلاف السنين.
[عدل]الاستكشافات في القرن الحادي والعشرين
حديثا في 14 يناير 2004، قام "هندري كوتزي" (بالإنجليزية: Hendri Coetzee) من جنوب إفريقيا برحلة للإبحار في النيل الأبيض، وتعتبر أول رحلة للإبحار في هذا النهر بطول مساره. وقد استغرقت هذه الرحلة 4 أشهر وأسبوعان، حتى وصل إلي مدينة رشيد المصرية علي البحر المتوسط. وتعتزم ناشيونال جيوجرافيك إنتاج فيلم وثائقي عن هذه الرحلة في نهاية عام 2005 بعنوان "The Longest River" (أي "أطول الأنهار" بالعربية.)
أما في 28 ابريل 2005 فقد قام عالم الإراضة "باسكال سكاتوررو" (بالإنجليزية: Pasquale Scaturro) وشريكه "كياكار" (بالإنجليزية: kayaker) ومخرج الأفلام الوثائقية "جوردون براون" (بالإنجليزية: Gordon Brown) برحلة لاستكشاف النيل الأزرق، وتعتبر هذه أيضا أول رحلة للإبحار في هذا النهر بطول مساره بدءا من بحيرة تانا في أثيوبيا، وقد وصلوا مدينة الإسكندرية المصرية علي البحر المتوسط. وقد وثقت هذه الرحلة في فيلم يحمل عنوان: "Mystery of the Nile" (أي "لغز نهر النيل" بالعربية)، كما صدر أيضا كتبا بنفس العنوان.
[عدل]نقل معبد أبو سمبل
ترتب علي بناء السد العالي ارتفع منسوب المياه، وذلك بعد إنشاء بحيرة ناصر لحفظ مياه السد، وهكذا تعرضت النوبة والآثار الموجودة فيها للغرق. لهذا، في 1959 أطلقت مصر نداء دولي لإنقاذ آثار النوبة ومن ضمنها معبد أبو سمبل إلي منطقة آخري أكثر أمانا، وبدأت الحملة الدولية لإنقاذ آثار النوبة تحت إشراف اليونسكو.
استغرقت عملية فك إعادة تركيب معبد أبو سمبل قرابة 4 سنوات (1964-1968)، وتكلفت ما يقرب من 36 مليون دولار
http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D9%84%D9%81:Nile_composite_NASA.jpgأمريكي، وتم إعادة التوطين في منطقة تعلو 65 مترا عن المنسوب الأصلي الذي كان عليه المعبد، وبمسافة 200 متر بعيدا عن شاطئ اhttp://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/a/ac/Nile_composite_NASA.jpgلنيل.
[عدل]لمحة تاريخية
نتيجة لإمكانيات الهائلة التي يوفرها نهر النيل، فقد كان مطمعا للقوي الاستعمارية في القرن التاسع عشر.فقد تحكمت الدول الأوروبية في دول حوض النيل في تلك الفترة؛ فبينما كانت بريطانيا تحكم قبضتها علي مصر و السودان وأوغندا وكينيا، فقد أحكمت ألمانيا قبضتها علي تنزانيا، رواندا وبوروندي. في نفس الوقت فقد قامت بلجيكا بالسيطرة علي الكونغو الديمقراطية والتي كانت تعرف في هذا الوقت بإسم زائير.
وبعد أن وضعت الحرب العالمية الأولي (1914-1918) أوزارها، فقد قسمت الإمبراطورية الألمانية بين كل من بريطانيا وبلجيكا؛ فحصلت إنجلترا علي تنزانيا، بينما حصلت بلجيكا علي رواندا وبوروندي، بينما بقيت إثيوبيا دولة مستقلة.
ومع انتهاء السيطرة البريطانية علي مصر و السودان في الخمسينات من القرن العشرين، فقد تم توقيع اتفاقية نهر النيل عام 1959 لتقسيم مياه النيل ، و ترفض أغلبية دول حوض النيل هذا التقسيم و يعتبرونه جائر من ايام التوسع الاستعماري.
[عدل]حوض النيل
حوض النيل هو مسمي يطلق علي 10 دول إفريقية يمر فيها نهر النيل؛ سواء تلك التي يجري مساره مخترقا أراضيها، أو تلك التي يوجد علي أراضيها منابع نهر النيل، أو تلك التي يجري عبر أراضيها الأنهار المغذية لنهر النيل. ويغطي حوض النيل مساحة 3.4 مليون كم² من المنبع في بحيرة فكتوريا وحتي المصب في البحر المتوسط.
[img][/img]