حنبعل برقا الشهير هانيبال أو هانيبعل أو حنا بعل هو من أعظم القادة العسكريين في التاريخ. اكتسح شمال أفريقيا و إسبانيا و فرنسا وسويسرا و إيطاليا و حاصر روما 15 عاما و كادت تسقط لولا أن قامت عليه ثورة في قرطاج في القرن الأول قبل الميلاد غيرت روما ساحة القتال إلى شمال أفريقيا.و يعتقد الباحثون ان هانيبعل ينحدر من اسرة الملكة الفينيقية السورية اليسار التي جاءت هاربة مع انصارها من صور إلى شمال أفريقيا حيث اسست اليسار قرطاج عام 814 قبل الميلاد
ولد بقرطاج سنة 247 قبل الميلاد، ورافق وهو في التاسعة من عمره والده أميلكار برقا في إلى اسبانيا. وفي سنة 221 اختاره الجنود قائدا بعد اغتيال صدربعل زوج أخته صلامبو، فتمكن من بسط نفوذ قرطاج على كامل شبه الجزيرة الإيبيرية بما في ذلك صاغنتوم، إحدى المحميات الرومانية. وقد رأت روما في ذلك خرقا للمعاهدة التي عقدت إثر الحرب البونيقية الأولى، وطالبت بتسليمها حنبعل، وقد كان رفض هذا الطلب سببا في اندلاع الحرب البونيقية الثانية بين سنتي 218 و201 قبل الميلاد.
حنبعل ّّدارت بين روما و قرطاج 3 حروب دامت قرنا كاملا بصفة متقطعة من 246 ق.م إلى 146 ق.م. حنبعل ولد في المستعمرة الفينيقية قرطاج قاد جيوش قرطاج في الحرب الثانية التي دارت بين روما و قرطاج في واقعة كانة وقد اجتاز جبال الالب حتى وصل إلى حوض نهر البو بايطاليا
من أفكار حنبعل
عندما حاول حنبعل قطع جبال الآلب عمد إلى دهن أجسام جيوشه الزيت كي تبقى أجسادهم دافئة .
[عدل] هيئة أركان جيشه
كانت هيئة أركان جيشه تتكون من: هانو بن هاملقار ، و مهر بعل (مار بال) قائد سلاح الفرسان الأمازيغي (البربري)، الذي تقلد هذه القيادة منذ عهد والد حنابعل أميلكار برقه، ويكن له حنا بعل حبا فائقا، و هيرت ، و سينهالوس المصري كبير الأطباء، والاغريقيين سوسيلوس ، و وسلينوس ، و بوح الهندي منجم الحملة، والاسبرطي سوسيليوس الذي علم حنا بعل اليونانية .
[عدل] غزو روما و عبور جبال الألب
في سنة 218 ق.م قرر حنا بعل التقدم بجيشه بعد أن ترك شقيقه صدر بعل (هزدروبال) علي رأس ولاية قرطاجنة بإسبانيا التي كانت تابعة لامبراطورية قرطاج.
وقد قرر حنا بعل الاسراع في بدء حملته البرية، بعد أن وصلته أنباء من جواسيسه بأن الرومان يستعدون لتطبيق خطة بنقل الحرب الي أفريقيا في عقر دار قرطاج.
كان حنا بعل يقول لقادة أركان جيشه: في حالة وصولنا لنهر البو قبل فوات الأوان، نستطيع أن نمسك بتلابيب جيوش الغزو الرومانية داخل إيطاليا نفسها، فلا تصبح مدينة قرطاج ميدانا للحرب، وحينئذ تقع تكاليف الحرب ولأول مرة، علي الرومان وعلي بلادهم فيكتوون بآلامها، ويحرقون بنارها.. فالسرعة ثم السرعة.
وتقدم حنا بعل الذي يحب دائما ترديد قول القنصل الروماني جيولاس: اما أن تقهر عدوك، واما أن تقبل مصير المقهورين . وتمكن من عبور جبال الألب بجيش قوامه ثلاثون ألفالألب في خمسة عشر يوما، مات جزء من جيشه في الطريق، وبقي قسمه الأكبر.
[عدل] معركة تسينو
وخاض حنا بعل أول معركة وهي معركة تسينو التي دارت علي شواطئ نهر تسينو. حسمها حنا بعل لصالحه بخطة سريعة لعب فيها الفرسان الأمازيغ ـ البربر دورا حاسما عندما طوقوا من الخلف كتائب الرومان الثقيلة بحيث لم تصمد برماحهم الطويلة أمام حراب الأمازيغ القصيرة والخفيفة والنافذة، وما هي الا لحظات حتي سقط القنصل ببليوس قائد الجيش تحت سنابك خيل هؤلاء الفرسان المردة. عاد هذا القنصل لروما جريحا وهو يردد لخاصته كيف وقع من صهوة جواده وسط فرسان غرباء لم ير مثلهم في حياته من قبل في سرعة الكر والفر ، ويقصد الفرسان النوميديين الأمازيغ ـ البربر.
[عدل] معركة تريبيا
ووجهت روما جيشا ثانيا ضخما بقيادة قنصل جديد هو طيباريوس سمبرونيوس لمسح هزيمة معركة تسينو، وأعد حنا بعل له فخا علي ضفاف نهر تريبيا حيث دارت معركة تريبيا حسمها حنا بعل باختيار مكان المعركة وهو سهل غمره الفيضان فأوحلت تربته ولم يره خصمه، اختاره وهو يردد قول أبيه هملقار برقة: دع الأرض تقاتل عنك .
أمر حنا بعل خمسمائة من خيرة الفرسان النوميديين الأمازيغ ـ البربر وأصدر توجيهاته لقائدهم فقال له: توجهوا في بداية الليل الي معسكر العدو، اقتربوا من خنادقهم راكضين، وعندما يتصدي لكم فرسانه، التحموا معهم في معركة، ثم ولوا هاربين ممثلين اندحارا، فسيتبعكم العدو، وجهوه عند ذلك السهل الضحل حيث الكمين . ووقع القائد الروماني في الفخ.. وانطلقت المعركة فأعطي القنصل الأمر ببدء المعركة بتعقب النوميديين الأمازيغ المراوغين... وهُزم الرومان شر هزيمة.
وأهم ما أسفرت عنه هذه المعركة تحالف حنا بعل مع شعب غال سيسالبين وانضم له في الشهرين التاليين 14000 من مقاتليهم الأشداء، فاستقبلهم وهو يردد قولته المشهورة: اذا أحرزت نصرا انضم اليك الجميع حتي خصومك، أما اذا حاقت بك الهزيمة تخلي عنك حتي محبوك .
وبعد انقضاء شهري الشتاء قرر التوجه جنوبا نحو روما، ووقع في مستنقعات، وانتشرت الحمي بين جيشه وفقد نتيجة لاصابته بها احدي عينيه.
[عدل] موقعة ترازايمين
في اليوم الحادي والعشرين من شهر حزيران ـ يونيو 217 ق. م. تقدم جيش روماني ضخم تعداده أربعون ألفا بقيادة جايوس فلامنيوس نحو بحيرة ترازايمين تحت رقابة الفرسان البربر الأمازيغ، كان يلفه ضباب كثيف، وكان حنا بعل قد رصده بواسطة جواسيسه من بعيد، وترصد للمكان الذي سيخرج منه وهو يسيطر علي المرتفعات التي تشرف علي مكان مروره. وفجأة ومن خلال الضباب هاجم القرطاجيون من مواقع مثالية، فكانت الصاعقة المفاجئة تحل علي رؤوس الرومان.
وأرسل حنا بعل بسائر فرقه لتهاجم في وقت واحد، وكان يراقب من موقع عال فوق الطرف الأقصي من طريق البحيرة، وسد فرسان مهر بعل النوميديون الأمازيغ ـ البربر، مصحوبين بمشاة الأفارقة، مدخلَ شاطئ البحيرة الهلالي الشكل. وهكذا وقع القنصل في نفس المصيدة الذي كان ينوي ايقاع حنا بعل فيها. وأطبقت كماشة الجيش القرطاجي من كل ناحية، بحيث لم تجد كتائب الرومان مجالا للمناورة ولا حتي للهروب. وما كادت تحل الساعة العاشرة صباحا حتي كانت موقعة بحيرة ترازايمين قد انتهت. وصار بذلك ستة آلاف من الجنود الأشداء أسري حنا بعل. وهكذا تمكن الجيش القرطاجي الذي أنهكته الحمي قبل أيام، بجياد هزيلة من ابادة جيش قوي خارج للتو من معسكراته ينعم بالصحة والعافية، تمكن من هزمه وأسر خمسة عشر ألفا من خيرة جنوده. وأطلق سراح الأسري من الشعوب الأخرى وهو يقول لهم: ما جئت لأشن الحرب علي الشعوب المستعمََـرة، بل ولا حتي علي الايطاليين، وانما جئت لأساعد الجميع ضد حكام روما الظالمين .
تجمعت جماهير روما بساحة الفوروم، بعد أن وصلت أنباء كوارث الهزائم. وبقيت أبواب مجلس الشيوخ مغلقة أمام الجماهير، وبعد طول الحاح خرج اليهم القنصل بومبونيوس ماثو بمفرده واعتلي درج مدخل المجلس، وألقي عليهم خطابا يتكون من اثنتي عشرة كلمة: لقد قهر العدو جيوش روما في موقعة عظيمة مات فيها أحد القنصلين .
[عدل] موقعة كناي العظمى
واستمرت القوات الرومانية في تكتيك العرقلة، لكن حنا بعل بمجرد أن تأكد أن جنوده أخذوا ما ينبغي أخذه من الراحة، واستوعبوا تدريبات عالية، قرر المرور الي الاستدراج، وخلق سائر الظروف علي مدي أشهر لموقعة كناي العظمي التي بدأت في فجر اليوم الثالث من شهر آب ـ أغسطس سنة 216 ق.م. قام حنا بعل بمناورات علي مدي أشهر جعلت العدو يحرك قوات جبارة الي كناي.
كان منيوسياس روفوس صغير السن، وقام حنا بعل بمناورة فهم منها الضابط الروماني أنه صار يخاف المواجهة ويهرب . وهكذا انطلت عليه مناورة حنا بعل الذي أظهر تقهقرا منهزما زيادة في اتقان حبكة الاستدراج الكبير الذي يعده لخصمه المغرور. كان حنا بعل يقود جيشا من أربعين الفا، بينما كان جيش عدوه يتجاوز المائة ألف، نصفهم من المجندين حديثا، واعتبر أنه أقوي جيش علي الإطلاق جمعته روما في تاريخها. وزيادة في الخديعة قام الفرسان النوميديون (البربر) في خفة الأشباح بغارة صدتها القوات الرومانية بنجاح، وتقهقر الفرسان البربر مظهرين انهزامهم، فقرر عند ذاك القنصلان فارو وأميليوس مطاردة العدو المنهزم، وتقهقر القائد الأمازيغي مهر بعل عبر نهر أوفيدوس هاربا وجيشا القنصلين بتعقبانه، وضيق عليهما الخناق شيئا فشيئا فوق سهل كناي المكشوف، وذلك في اليوم الثالث من شهر آب ـ أغسطس.
عندما التقي الجيشان أعطي حنا بعل إشارة البدء... ووجد الرومانيون أنفسهم يقاتلون في ظروف مزدوجة السوء، كانوا منكفئين بعضهم علي بعض، محصورين الكتف الي الكتف، بينما كان أعداؤهم يحومون حولهم بكامل حريتهم، كانوا منهوكي القوي، يواجهون عدوا متجدد القوة شديد البأس. كان حنا بعل يستعمل من بعيد إشارات معينة بدخان منطلق من حزم أعشاب خاصة تطلق دخانا عاليا، وكل عدد من هذه المشاعل الدخانية يعني أمرا معينا. ولم تكد تحل الظهيرة حتي اختفي الفرسان، فلم يبق فارس واحد بين مرتفعات كناي والمقر الصخري المرتفع لقيادة حنا بعل، وبقيت في هذا الامتداد كتائب مشاة الرومانيين مكدس بعضها علي بعض، في كتلة بشرية هائلة صماء. وانطلق الفرسان النوميديون الخفاف كالبرق وعلي رأسهم قائدهم مهر بعل فسدوا ثغرة فرار العدو المنهزم الهارب الي النهر. وكانت الأرض في سائر الاتجاهات ضد الرومان، وتمعن حنا بعل في هذا الموج البشري، وردد، في نشوة، وصية والده هملقار برقة: دع الأرض تقاتل عنك.. . وترك قادة وحداته ينفذون حرفيا خطته. وأبيد هذا الجيش الضخم. وعندما طلب منه رجاله أن يستريح أجابهم: ينبغي علي الطهاة أن يعدوا وجبة شهية، ويسخروا لها كل فنونهم، وتقدم مصحوبة بالخمر الي الجنود من سائر الرتب، فقد آن للجيش أن يستريح .
وهنا صاح العجوز مهر بعل الأمازيغي ـ البربري في غضب: حنا بعل.. اسمع لي جيدا، في خمسة أيام يستطيع الجيش أن يتناول هذه الوجبة في روما نفسها، سيسبقك فرساني كالبرق اليها، فيكتشف الرومانيون بحلولك بينهم من خلال هؤلاء الفرسان المردة قبل أن يعلموا بخروجك اليهم.. . وتطلع حنا بعل مليا في وجه مساعده العجوز، ثم أجابه: هذا مما يسهل قوله، ويبهج القلب سماعه، يا عمنا البطل، لكن امعان التفكير في الأمر وتقليبه علي عدة وجوه، يحتاج الي وقت طويل . وهنا لم يتمالك مهر بعل نفسه فصاح فيه في غضب، وقال له قولته الخالدة: حنا بعل.. لقد حبتك الآلهة بنعم كثيرة، فأنت تعرف كيف تحرز النصر، ولكنك لا تعرف كيف تستخدمه وتستغله.. . واستمع حنا بعل لمساعده الأمازيغي العجوز رفيق وصديق والده، ومعلمه سائر أنواع القتال والفروسية والرياضة، تمعن مليا فيه ثم أمر باطعام الرجال. وعند انتهاء جولته التفتيشية عاد الي مقر قيادته لينام نوما عميقا بين حراسه.
ويعقب مؤرخو سيرة حنا بعل فيجمعون علي أنه لو عمل برأي القائد الفارس الأمازيغي مهر بعل لتمكن من احتلال روما وتغيير مجري التاريخ.. بدون حسم سريع ـ مثلما يراه مهر بعل ـ لا أمل في أن يكسب القرطاجيون الحرب في النهاية، لأنهم يقاتلون عدوا في بلاده، يملك تحت يده الشعب والغذاء والمال، بينما هو بعيد عن قرطاج، قطعت عنه الامدادات من إسبانيا التي تمكن سيبيو من السيطرة عليها، وعبر البحر المتوسط الذي تسيطر عليه الأساطيل الرومانية سيطرة مطلقة، ولا أمل في أن ترسل قرطاج نجدات عبره لحنا بعل.
[عدل] تدمير قرطاجة
انتهت هذه الملحمة البطولية ملحمة الدفاع عن قرطاج. واذا كانت هذه الحرب أسفرت عن وفاة مدينة، فقد أكدت أن الإنسان أقوي من القهر، وأن ارادته لا تردع بسهولة. ولقد تأثر لهذه المأساة حتي بعض المؤرخين الأوروبيين، يقول وارمنغتون: ألقي سيبيو أميليانوس نظرة علي المدينة التي ازدهرت أكثر من سبعمائة سنة منذ انشائها، والتي حكمت مناطق كثيرة، جزرا وبحارا، وكانت ثرية في السلاح والأساطيل والفيلة والمال، مثل الامبراطوريات العظمي، بل والتي فاقتها في الإقدام والشجاعة الفائقة. فبالرغم من أنها جردت من كافة أسلحتها وسفنها، فقد صمدت أمام حصار شديد، ومجاعة دامت ثلاث سنوات، ووصلت الي نهايتها بالتدمير الكلي .
ويروي المؤرخ اليوناني بوليبيوس الذي رافق القائد الروماني في عملية التدمير، فيقول: أن سيبيو أمليانوس بكي تأثرا بما آل له عدوه، فاستعرض أمامه الحقيقة المتمثلة في أن الأفراد والأمم والامبراطوريات نهايتها محتومة، وكذلك نصيب مدينة طروادة العظيمة، ونهاية الامبراطوريات الأشورية، والميدية، والفارسية، والتدمير الأخير لامبراطورية مقدونية الكبيرة. تمعن في هذا كله ثم ردد بقصد أو بدون قصد، كلمات هكتور في الياذة هوميروس: (سيأتي اليوم الذي تسقط فيه طروادة المقدسة، وكذلك الملك بريام وجميع رجاله المسلحين معه) ، وعندما سأل المؤرخ بوليبيوس، سيبيو، ماذا تقصد بهذا؟ ، التفت اليه القائد الروماني وقال بتأثر: هذه لحظة عظيمة يا بوليبيوس..ان الخوف يتملكني من أن نفس المصير سيكون لوطني في يوم من الأيام .